الأربعاء، 19 فبراير 2014

القرض الحسن تعريف حكمه اهميته الحلول



نظرية القرض
في الشريعة الإسلامية
عناصر المقال

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
فإن معاملة الإقراض والاقتراض مسألة قديمة لازمت الإنسان منذ عصره الأول؛ ذلك لأن الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع أن يعيش وحده مستغنياً عن بني جنسه؛ لذلك كان الناس يتقارض بعضهم من بعض، كما كانوا يبيعون ويشترون ويتبادلون المنافع.
لكن هذا الأمر مع مرور الزمان تغيرت صورته وتطورت عمليته، وخاصة في القرن الثامن عشر إلى التاسع عشر الميلادي.
حيث خرج من شكله الفردي الضروري، إلى صورة جماعية رفاهية؛ إذ صار التقارض اليوم بين الشعوب والمجتمعات والحكومات الدولية.
وأنشئت شركات ومنظمات أهلية ومحلية ودولية تقوم بهذا الشأن، تحت قيود إلزامية، وقواعد ديكتاتورية، تجعل الناس في حرج دائم ومرج.
من أجل هذا وذاك، كان لابد من إلقاء نظرة علمية شرعية حول هذه المسألة، للتفرقة بين الحلال منها والحرام، والصحيح من الباطل، عسى أن يخرج الناس بواسطتها من الظلمات إلى النور، ومن الغواية إلى الهداية.
وذلك في ضوء النصوص من القرآن والسنة، وفهم السلف منها في حل هذه القضية.
والله أسأل أن يسدد الخطى والأفكار، ويجعله نافعاً لي ولجميع المسلمين:
 تعريف القرض:
القرض لغة: هو القطع، يقال: قرضه يقرضه قرضاً أي قطعه.
هذا هو الأصل فيه، ثم استعمل في معنى المجازات.
وهو ما يتجازى به الناس بينهم ويتقارضونه من إحسان أو إساءة. يقال: هما يتقارضان الخير، أو يتقارضان الشر. وبه أنشد الشاعر: إن الغني أخو الغني وإنما يتقارضان ولا أخا للمقترِ.
وأما القرض اصطلاحاً: فهو دفع المال، إرفاقاً لمن ينتفع به ويرد بدله.
* الترادف بين القرض والسلف والدَّيْن:
إن القرض والسلف كلمتان مترادفتان؛ فكما أن القرض يرد فيه المقترض بدل ما أخذ من المقرِض؛ فكذلك السلف.
أما الدَّيْن فهو عامٌّ؛ حيث إنه يطلق على القرض، والسَّلَم، وبيع الأعيان إلى أجل.
فهو عبارة عن ((كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً، والآخر نسيئة)).
فإن العين عند العرب ما كان حاضراً والدَّيْن ما كان غائباً.
هذا، وإن القرض في أحكام الشريعة الإسلامية ينقسم إلى قسمين:
قرض حسن، وقرض ربوي
وغرضنا في هذا البحث هو أن نأخذ كلاًّ من هذين القسمين ببعض التفصيل، من حيث أنواعه وأحكامه مع توضيح ما غمض فيه قدر الإمكان.
هو ما يعطيه المقرض من المال إرفاقاً بالمقترض ليرد إليه مثله دون اشتراط زيادة، ويطلق هذا اللفظ كما جاء في القرآن على المال الذي ينفق على المحتاجين طلباً لثواب الآخرة.
* أنواع القرض الحسن:
نظراً إلى التعريف المتقدم، نقسِّم القرض الحسن إلى نوعين:
ما يقرضه العبد لربه، وما يتقارضه الناس فيما بينهم.
النوع الأول: القرض بين العبد وربه:
وهو ما يدفعه المسلم عوناً لأخيه دون استرجاع بدل منه، طلباً لثواب الآخرة، ويشمل ذلك الإنفاق في سبيل الله بأنواعه كالإنفاق في الجهاد، وعلى اليتامى والأرامل والعجزة والمساكين.
وقد جاء لفظ القرض بهذا المعنى في القرآن الكريم في ستة مواضع: منها ما ورد في سورة البقرة، من قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 244-245].
فكما نرى أن الاقتراض في هذه الآيات ليس من النوع الذي اعتدناه بأن يقترض شخص من آخر لحاجته منه إلى القرض.
إن الاقتراض هذه المرة من الغني الحميد الذي يطلب من عباده أن ينفقوا أموالهم للمحتاجين دون طلب رجوعها إليهم.
ولذلك تكفل سبحانه وتعالى بقضاء مثل هذه القروض بأضعافها، وسماها سبحانه وتعالى قروضاً حسنة لما فيها من التعاون والإرفاق من المقرضين.
وهناك سؤال يطرح نفسه في هذه النقطة وهو:
لماذا سمى الله سبحانه وتعالى هذا النوع قرضاً؟؟
وقد أجابوا عن ذلك بأنه إنما سماه الله تعالى قرضاً لينبه على أن الثواب الموعود للمنفق في سبيله واصل إليه لا محالة، كما أن قضاء القرض واجب على المقترض.
النوع الثاني: القرض بين المسلم وأخيه:
وقد اختلف الفقهاء في تعريف هذا النوع.
فقال الحنفية: هو ما تعطيه من مثلي لتتقاضاه.
فأخرجوا بذلك غير المثلي من القيميات، كالحيوانات والعقارات والأحطاب وكل ما يتعذر رد مثله؛ لأنه لا يجوز عندهم إقراض غير المثلي.
أما المالكية و الشافعية و الحنابلة: فالقرض عندهم هو ما تعطيه لتأخذ عوضه.
سواء كان مثلياً أو قيمياً، دون الجواري.
وزادت المالكية في التعريف ما يلي:
1. أن يكون المقرَض ذا قيمة مالية، فلا يكون دفع قطعة من النار قرضاً.
2. أن يلزم المقترض رد مثله عوضاً عنه.
3. أن يتأخر رد المقرض عن زمن دفعه.
4. أن يقصد المقرض نفع المقترض، لا نفعه هو أو نفعهما معاً.
5. أن لا يوجب إعارة الفروج، بأن تقرض جارية تحل للمقترض.
6. أن يكون ضمانة في الذمة، بأن يكون المقترض ممن يتحمل الضمان، فلا يكون المسجد أو المدرسة مقترضاً.
* تحديد القرض الحسن:
ومما ينبغي ملاحظته في هذه النقطة التحديد الذي وضعه العلماء للقرض في كونه حسناً؛ حيث قالوا:
لا يكون القرض حسناً حتى تتوفر فيه الشروط الآتية:
* الشرط الأول: أن يكون المال المقرَض حلالاً لم يختلط به الحرام؛ لأن مع الشبهة يقع الاختلاط، ومع الاختلاط يقبح الفعل.
* الشرط الثاني: أن لا يتبع المُقْرِض ما أقرض بالمن والأذى.
* الشرط الثالث: أن يدفعه المقرض على نية التقرب إلى الله، سبحانه وتعالى، لأن ما فُعِلَ رياءً وسمعةً لا يُستحق به الثواب.
* الشرط الرابع: ألا يجر القرض نفعًا على المُقْرِض.
أما الحكم العام للقرض فهو الجواز؛ فإنه يجوز للحاجة، وقد دل على جوازه الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.
أما الكتاب فبقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].
وأما السنة فبقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».
وأما الإجماع فهو ما نراه من تعامل المسلمين به من الصدر الأول إلى الآن.
وإذا رجعنا إلى القياس فإننا نقيس القرض بالعارية.
فباب العارية أصله أن يعطي المعير ماله لينتفع به المستعير ثم يعيده إليه.
فتارة تكون المنافع غير ملموسة، كما في إعارة العقار والمركوبات.
وتارة تكون ملموسة، كما في إعارة الماشية ليُشرب لبنُها أو الشجرة ليؤكل ثمرها.
فكما أن العارية من باب التبرع بالمنافع فكذلك القرض.
وأما الحكم الخاص للقرض فهو حكمه الذي يخص المُقْرِض، وحكمه الذي يخص المقترض.
فالذي يخص (المقرض) هو أن الأصل فيه أنه مندوب (للمقرض)؛ لما ورد من أحاديث تحض على الإقراض.
وقد يعرض ما يوجب فعله فيصير واجبا، كالإقراض للمضطر ممن اضطر إليه لحفظ النفس أو المال.
أو يعرض ما يسبب كراهيته كالاستعانة به على مكروه.
أو ما يحرمه، كالاستعانة به على معصية.
وحكمه الذي يخص (المقترض) هو الإباحة، فلا خلاف في جواز الاستقراض عند الحاجة
قال الإمام أحمد - رحمه الله -: (ليس القرض من المسألة)، يعني ليس بمكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقرض؛ فلو كان مكروهاً أو كان هناك عيب على طالبه لكان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس منه، ولأنه إنما يأخذه المقترض بعوض فأشبه الشراء بديْن في الذمة.
إن الإنسان بطبيعته وجِبِلَّته محب للمال، وإن كان ذلك على درجات متفاوتة في طول أمله وقصره.
قال الله تعالى: {وَتُحِبُّونَ المَالَ حُباًّ جَماًّ} [الفجر: 20]، لذلك لما طلب الشرع من صاحب المال أن يفارقه فترة من الزمن بإقراضه لأخيه المحتاج دون طلب منفعة مادية، جعل لذلك المال المقرض بعض وثائق، كي يطمئن قلب المقرض برجوعه إليه.
وهذه الوثائق كما يلي:
· توثيق الدّيْن بالكتابة:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كبِيراً إِلَى أَجَلِه} [البقرة: 282].
في هذه الآية أمر بكتابة الدّيْن الذي يشمل القرض الحسن وباقي البيوع المؤجلة.
وتوثيق القرض فيها أمر ظاهر، كما أن العلماء استنبطوا منها حكم كتابة الدين والقائم بالكتابة وشروط الكاتب.
· توثيق الدّيْن بالإشهاد عليه:
قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] إلى قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282].
في هذه الآية أمر بالإشهاد عند المداينة.
ومنها استنبط العلماء أحكاماً كثيرة بالنسبة للشهادة والشاهد والمشهود عليه.
· توثيق الدين بالرهن:
قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، وثبت في السنة أن توثيق الدين بالرهن لا يختص بحالة السفر؛ لأنه كما روت عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً إلى أجل، ورهنه درعاً له من حديد».
· توثيق الدّيْن بالضمان:
والمراد بالضمان هو أن يلتزم إنسان أداء دين إنسان آخر إذا كان ذلك الآخر لا يؤديه، أو هو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق، فيثبت في ذمتهما جميعاً، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما.
وهو طريق آخر جعله الشرع لتوثيق الدَّيْن، وهو جائز بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فبقوله تعالى: {وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72].
قال ابن عباس: (الزعيم الكفيل).
وأما السنَّة فبقوله صلى الله عليه وسلم: «الزعيم غارم».
وبما ثبت أن بعض الصحابة ضمن دين الميت وقضاه عنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على جوازه، وكانوا يتعاملون به منذ صدر الإسلام.
فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخل رجل الجنة فرأى مكتوبا على بابها: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر». (أخرجه البيهقي في السنن والطبراني في الكبير، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 3407).
فلم يكتف الإسلام بوضع قواعد لتوثيق المال المقرَض يأتمن بها صاحب المال ويطمئن في إقراضها، وإنما حض عليه وحرَّض المؤمنين على دفعه؛ حيث وعد الله لهم الإثابة عليه، وجعله قربة يتقرب به العبد إليه.
كما بيّن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم جزاء القائم به من الثواب وعون الله والتيسير له في الدارين.
هذا كله لما في القرض من الرفق بالمحتاجين والرحمة بهم وتفريج كربهم.
من ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على مسلم في الدنيا يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
وقد تتابعت آثار من الصحابة في الدلالة على أن الإقراض مرتين للمحتاج خير من التصدق عليه بالمال المقرَض مرة، أو كالصدقة بها عليه.
منها ما روي عن ابن عباس أنه قال: (لأن أُقرِض مرتين أحب إليّ من أن أعطيه مرة).
ومنها ما روي عن ابن مسعود أنه قال: (لأن أُقرض مرتين أحب إليّ من أن أتصدق).
ومنها قول أبي الدرداء: (لأن أقرض دينارين مرتين أحب إليّ من أن أتصدق بهما؛ لأني أقرضهما فيرجعان إليّ فأتصدق بهما فيكون لي أجرهما مرتين).
كما روي مثل ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين.
وكان سليمان بن أذنان يقرض علقمة ألف درهم إلى عطائه، فلما خرج عطاؤه تقاضاها عنه واشتد عليه فقضاه.
وكأن علقمة غضب، فمكث أشهراً، فقال: أقرضني ألف درهم إلى عطائي.
فقال: نعم وكرامة ! يا أم علقمة ! هلمي تلك الخريطة المختومة التي عندك.
فجاءت بها، فقال: أما والله إنها لدراهمك التي قضيتني ما حركت منها درهماً واحداً.
قال: فلله أبوك ! ما حملك على ما فعلت بي؟ قال: ما سمعت منك: قال: ما سمعت مني؟ قال سمعتك تذكر عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتهما مرة» قال: (أي علقمة) كذلك أنبأني ابن مسعود.
دلت النصوص القرآنية على وجوب رد القرض؛ وذلك في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، والقرض أمانة عند المقترض يجب عليه ردها إلى صاحبها.
وفي قوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة: 245]؛ حيث ألزم سبحانه وتعالى على نفسه أن يأجر كل من أقرض بالإنفاق في سبيله.
هذا، والأجر كما سبق في مواضع ستة من القرآن ليس بالمثل فقط ولكن بأضعاف ما قدمه المقرض.
وقد دلت نصوص من الحديث أيضاً على هذا الوجوب، مع وجوب المبادرة إلى القضاء بعد الموت.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نفس المؤمن معلقة بديْنِهِ حتى يُقضى عنه».
وعن أبي بردة بن أبي موسى رضي الله عنهما عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أعظم الذنوب عند الله يلقاه بها عبده بعد الكبائر التي نهى عنها، أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء».
عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل مات وعليه دين، فأُتي بميت فقال: «أعليه دين؟» قالوا: نعم ! ديناران، قال: «صلوا على صاحبكم»، فقال أبو قتادة: هما عليّ يا رسول الله ! فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أوْلى بكل مؤمن من نفسه؛ فمن ترك دينًا فعليّ قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته».
عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله ! أرأيت إن قُتلت في سبيل الله تُكفَّر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم ! إن قُتِلْتَ في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف قلتَ؟» قال: أرأيت إن قُتِلْتَ في سبيل الله أتكفَّر عنّي خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم ! وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدَّيْن؛ فإن جبريل قال لي ذلك».
لا يجوز عند الحنفية أن يرد المقترض إلا مثل ما اقترض من المثليّات، وهو المكيل والموزون والمعدود.
فلا يجوز عندهم رد القيميّات وهي الحيوانات وعروض التجارة؛ لأنه لا يجوز عندهم إقراض القيميّات أصلاً، وحديث أبي رافع رد عليهم، وهو: عن أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً، فقدمت عليه إبل من الصدقة، فأمره أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: «أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء».
أما المالكية: فجاز عندهم أن يرد المقترض مثل ما اقترض أو عينه، ما دام على صفته.
وقال الحنابلة: إذا كان المال المقرض مقوماً يكون فيه وجهان:
أحدهما: يجب على المقترض رد قيمته يوم القبض؛ لأنه لا مثل له، فيضمن قيمته كحال الإتلاف والغصب.
والثاني: يجب عليه رد مثله كما تقدم في الحديث.
هذا كله إذا كان مثل المال المقرض الذي يقضي به ثابتاً على سعره يوم القضاء، لم يتغير بالغلاء أو الرخصة؛ فكيف إذا تغير سعره، أو كان نقوداً ترك التعامل بها؟
اختلف قول الحنفية في المال المقرَض الذي تغير سعره، فقال أبو حنيفة: يلزم المقترض رد مثله. ولا عبرة بغلائه أو رخصه.
وقال أبو يوسف: يلزمه رد قيمته يوم القبض، وعليه الفتوى.
وقال محمد: يلزمه رد القيمة في آخر يوم غلت فيه سعره.
وهو ما عليه الفتوى في الفلوس التي كسدت بعد الرواج.
أما الإمام مالك و الليث بن سعد و الشافعي فإنهم قالوا: إن المقترض لا يرد إلا مثل ما اقترض، غلا سعره أو رخص.
وكذلك قال أحمد: إذا كان المقرَض فلوساً تُرِك التعامل بها رد المقترض قيمتها يوم الأخذ، وأما رخص السعر أو غلاؤه فليس ذلك مما يمنع رد مثلها.
فخلاصة القول في ذلك أن المقترض يرد ما اقترض ولا عبرة بتغير السعر..
إلحاقاً بما تقدم نريد أن نبين هنا:
أن الزيادة من المقترض إذا لم تكن مشروطة فإنها تعتبر في الشرع من باب حسن القضاء.
وهو جائز عند الجمهور، بل هو مستحب؛ لحديث أبي رافع المتقدم، ولحديث أبي هريرة.
قال أبو هريرة: كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق فأغلظ له، فهمّ به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لصاحب الحق مقالاً» فقال لهم: «اشتروا له سنا فأعطوه إياه» ،فقالوا: إنَّا لا نجد إلا سنا هو خير من سناه ،فقال: «اشتروا له فأعطوه إياه؛
فإن من خيركم - أو إن خيركم - أحسنكم قضاء».
قال مالك - رحمه الله -: إن كانت الزيادة في العدد لم تجز، وإن كانت في الصفة جازت.
ويرد عليه حديث جابر، قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي عليه دين، فقضاني وزادني).
حيث صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم زاده.
وثبت في رواية البخاري أن الزيادة كانت قيراطاً.
  الربـــــــــــــــــــــــــــــــا:
الربا لغة هو النمو والزيادة والعلو والارتفاع.
يقال: ربا الشيء ربواً، أي زاد ونما وعلا.
وأربيته: نميته.
ومنه قوله تعالى: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276] أي ينميها ويزيدها.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «ومن تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربّيها لصاحبها كما يربّي أحدكم فُلُوَّه حتى تكون مثل الجبل».
أما تعريفه في الشرع فقد اختلف الفقهاء فيه تبعاً لاختلافهم في تحديد مفهومه بينهم، وتعريف الإمام الآلوسي قال: وفي الشرع: عبارة عن
(فضل مال لا يقابله عوض في معاوضة مال بمال)
فهذا التعريف ينطبق على النوعين من الربا: ربا الفضل و ربا النسيئة؛ حيث إن في كل منهما معاوضة مال بمال ،مع وجود تلك الزيادة التي لا مقابل لها في نظر الشرع.  
إذا كان القرض بمعنى دفع المال إرفاقاً لمن ينتفع به ويرد مثله أو قيمته، وكان الربا بمعنى تلك الزيادة المالية التي لا مقابل لها في معاوضة مال بمال تبيّن واضحاً أن القرض الربوي هو :
القرض الذي يشترط فيه المقرض شيئاً زيادة على ما أقرض.
إن الربا المتعامل به في عصر النبوة والذي سماه القرآن ربا هو تلك الزيادة المشروطة في القروض والديون؛ لأن هذه المعاملة هي ما يرجع إليه لفظ الربا في ذلك العصر.
وهي معاملة شائعة ومعروفة بينهم.
1. قال الجصاص: الربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله، إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل، بزيادة على قدر ما استقرض، على ما يتراضون به ....... هذا كان المتعارف المشهور بينهم ،ثم قال: ولم يكن تعاملهم بالربا إلا على هذا الوجه الذي ذكرنا، من قرض دراهم أو دنانير إلى أجل، مع شرط الزيادة.
2. وقال الرازي: أما ربا النسيئة فهو الأمر الذي كان مشهوراً متعارَفاً في الجاهلية؛ وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدراً معيناً، ويكون رأس المال باقياً، ثم إذا حلّ الدين طالبوا المدين برأس المال، فإن تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل؛ فهذا هو الربا الذي كانوا في الجاهلية يتعاملون به.
3. وقال الآلوسي: روى غير واحد أنه كان الرجل يُرْبي إلى أجل، فإذا حل قال للمدين: زدني في المال حتى أزيدك في الأجل، فيفعل، فيستغرق بالشيء الضعيف ماله بالكلية.
4. وقال ابن جرير: عن قتادة قال: ربا أهل الجاهلية بيع الرجل البيع إلى أجل مسمى، فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخّر عنه.
نفهم مما تقدم أن الربا المتعامل به في عصر النزول، والذي جاءت آيات القرآن بتحريمه كان على القرض، وهو نوعان:
النوع الأول: هو تلك الزيادة التي تشترط في أول العقد في عقد القرض، فيكون العقد ربويا من الأصل وهو الإقراض باشتراط فائدة
النوع الثاني: هو الزيادة الثانية أو المكررة، في دين البيع.
وهو الذي قلنا: يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى؛ فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخّر عنه، وهو ما يسمى البيع الآجل.
وإن كان ذلك لا يعني أنهم لا يزيدون في ثمن البيع على قيمته نقداً.
يتضح مما تقدم أن الربا المعهود في عصر النبوة هو تلك الزيادة التي يشترطها المقرِض على رأس مال القرض؛ فكذلك الفائدة التي عرّفوها بأنها: الزيادة على رأس المال النقدي المقرَض، بشرط ألا يزيد على الحد المقرر قانونياً، فإذا زادت عليه فهو الربا عندهم في قانون الاقتصاد الرأسمالي.
ولكي نزيد الأمر وضوحاً، ينبغي أن نبيّن أوصاف القرض الربوي التي إذا اكتملت في القرض صار ربوياً، على رغم ما سمي به من الأسماء، و هي:
1. الزيادة التي يزيدها المقرِض على أصل رأس مال القرض.
2. الأجل الذي من أجله تؤدى هذه الزيادة.
3. كون هذه الزيادة شرطا مضموناً في التعاقد.
ومعروف أن هذه الأوصاف الثلاثة قد اجتمعت في القروض ذات الفوائد التي نتكلم عنها (يعني فوائد البنوك)
ويزيد موقفنا هذا تأكيداً: أن المجامع الفقهية الإسلامية
قد أجمعت على أن هذه الفوائد محرمة وأنها عين الربا بأنواعها الثلاثة:
ربا الفضل، و ربا النسيئة، و ربا القرض.
وفيما ما يلي قرارات تلك المجامع:
* إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية بجدة فى 10/6/1406هـ، بعد أن عرضت عليه بحوث مختلفة في التعامل المصرفي المعاصر، وبعد التأمل فيما قدم مناقشته مناقشة مركزة..
أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على الظلم الاقتصادي العالمي وخاصة في دول العالم الثالث، قرر -هذا المجلس-:
أن كل زيادة (فائدة) على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة (الفائدة) المشروطة على القرض منذ بداية العقد، هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً.
* كما أصدر مجمع البحوث الإسلامي في القاهرة فتوى جماعية، بأن فوائد البنوك هي الربا المحرم.
* وأصدر كل من المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي بمكة المكرمة، ومؤتمر الفقه الإسلامي في الرياض فتاوى في ذلك، كلها تؤكد..
أن الاقتراض من البنوك وإمضاء العقد معهم على اشتراط زيادة على المال المقترض بفائدة سنوية هو عين الربا المحرم.
* فهؤلاء الشرعيون والاقتصاديون والقانونيون أجمعوا على أن الفوائد هي الربا المحرم.
* وهناك فتاوى فردية من كبار علماء المسلمين، أمثالِ الشيخِ محمود بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبدِ الله بن محمد بن حميد، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخ أبي الأعلى المودودي، والشيخ عبد الله دراز، والشيخِ محمد أبي زهرة، والشيخ يوسف القرضاوي والشيخ علي السالوس وغيرهم.
كل هؤلاء وغيرهم من علماء المسلمين كتبوا ووضّحوا
أن هذه الفوائد البنكية محرمة وأنها عين الربا المحرم.
لا شك أن القرآن قد نهى عن كثير من المنكرات وشدد الوعيد في بعضها.
لكن الكلمات التي جاء بها لإعلان حرمة هذا القرض أشد وآكد من الكلمات التي أوردها للنهي عن سائر المنكرات والمعاصي؛ فإنه لم يبالغ في تفظيع أمر من أمور الجاهلية ما بالغ في تفظيع هذا القرض، ولا بالغ في التهديد في اللفظ والمعنى ما بالغ فيه.
انظر إلى مثل هذا التهديد والتصوير المرعب الذي وصف به المرابين في هذه الآيات:
{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275].
ثم تتبع هذه الآية آية فيها الوعيد بالمحق لمال الربا وتسمية المرابي: بـ «الكَفَّار الأثيم» على صيغة المبالغة؛ حيث يقول سبحانه وتعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276].
ثم وجّه القرآن خطاباً مباشراً للمؤمنين يأمرهم بترك ما بقي من آثار هذه المعاملة، وعقَّبه بترهيب تتزلزل منه القلوب الخاشعة؛ حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278-279].
روي أن رجلاً أتى إلى مالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله ! رأيت رجلاً سكران يتعاقر، يريد أن يأخذ القمر بيده، فقلت: امرأتي طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم أشر من الخمر، فقال: ارجع حتى أتفكر في مسألتك، فأتاه من الغد، فقال: امرأتك طالق.. إني تصفحت كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلم أرَ شيئاً أشرَّ من الربا؛ لأن الله تعالى أذن فيه بالحرب !
كما روي عن أبي حنيفة أنه كان يقول في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: 131]، في خطابه للمرابين: هذه أخوف آية في القرآن؛ حيث أوعد الله المؤمنين بالنار المعدة للكافرين إن لم يتركوا هذه المعاملة.
وإذا رجعنا إلى السنة وجدنا أنها لم تقتصر على التصريح بالوعيد لمرتكب هذه الكبيرة، بل إنها بيّنت موقف كل من تعاون معه على اقترافها.
كما بيّنت أن الله عز وجل يصب سوط عذابه على المجتمع الذي فشت فيه.
من ذلك الحديثان الآتيان:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: «هم في الإثم سواء».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ظهر الزنى والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله»، بل قال في أشد من ذلك: «درهم ربا أشد عند الله من ست وثلاثين زنية».
1. عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: (من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه).
2. عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: (من أسلف سلفاً يشترط أفضل منه، وإن كان قبضة من علف فهو ربا).
3. قال القرطبي: (أجمع المسلمون، نقلاً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا، ولو كان قبضة من علف كما قال ابن مسعود).
4. قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا).
5. وقال ابن حجر الهيتمي بعد أن ذكر أنواع الربا وعدَّ منها ربا القرض: (كل هذه الأنواع الأربعة حرام بالإجماع).
6. وقال ابن حزم: (لا يحل أن يشترط أكثر مما أخذ ولا أقل وهو ربا مفسوخ).
7 - وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد اتفق العلماء على أن المقرض متى اشترط زيادة على قرضه كان ذلك حراماً).
ينبغي أن تعرف
أنه ليس هناك مشكلة إلا وللإسلام فيها حل..
وما تعاون المسلمون في حل مشكلة، معتصمين بحبل الله، إلا نصرهم الله..
وأن الحلول الإسلامية للتخلص من هذه القروض كثيرة ومتعددة:
· منها تأسيس جمعيات استثمارية تقوم بدفع قروض حسنة لأعضائها على أن يكون قضاؤها بالتقسيط.
· ومنها إنشاء بنوك إسلامية تقوم بدفع قروض استثمارية لعملائها.
· وبحمد الله قد بدأ هذا النظام منذ سنة 1963م في مصر.
· والآن بدأ انتشاره حتى في بلاد غير مسلمة.
·و في(نيجيريا) مثلا بدأت المحاولات لتأسيس مثل هذه البنوك منذ سنة 1983م.
· وهي الآن على وشك النجاح.
· ومن هذه الحلول إقامة ركن الزكاة، وتنظيم شؤونها، حتى يتمكن المسلمون بواسطتها من سد حوائج الفقراء والمساكين، وإزالة الفقر بين المجتمعات.
· ومنها أن تقوم الحكومات ببناء المساكن لعمالها وبيعها لهم، على أن يدفعوا أثمانها بالتقسيط بدلاً من الإقراض لهم بالفوائد التي يسمونها بالتكاليف الإدارية.
والبيع بالتقسيط أو الدفع بالتقسيط نظام مباح في الشرع، ولو بأثمان أرفع من قيمتها الأصلية.
وينطبق هذا النظام أيضاً على المركوبات بأن تشتريها الحكومات وتبيعها للعمال بهذا النظام
· ومنها إنشاء مؤسسات الأوقاف، يتبرع بواسطتها المحسنون بأنواع أموال يجعلونها صدقات جارية، يستمر الانتفاع بها، ويصل إليهم ثوابها في حياتهم وبعد مماتهم.
ثم إنه يجب أن نعرف أن هذه المؤسسات لا يمكن إقامتها في لحظة، كما أن جني ثمارها لا يتحقق بين صبيحة وضحاها.
فلا بد إذن من
(الصبر والمصابرة والاستقامة)
حتى نصل إلى الهدف المنشود.
فالبنوك الربوية التي نتكلم عنها مثلاً، بدأت محاولتها الأولى سنة 1157م (أي في القرن الثاني عشر الميلادي) في إيطاليا؛ لكنها لم تدخل إلى البلاد الإسلامية إلا في القرن التاسع عشر؛ فلو يئس أولئك المرابون من النجاح في نشرها لما وصلت إلى الصورة التي نراها اليوم.
نسأل الله لنا ولجميع المسلمين العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة..
وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد وآله..
والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق