الجمعة، 14 فبراير 2014

حوار وحدة الأديان وحكمه:



حوار وحدة الأديان وحكمه:

تعريفه:

وحدة الأديان هو "الاعتقاد بصحة جميع المعتقدات الدينيّة، وصواب جميع العبادات، وأنها طرق إلى غاية واحدة" ([1]). ومن أبرز المنظرين لها في الوقت الحاضر "روجيه جارودي" تحت غطاء "الإبراهيميَّة" ([2])، ومفتي سوريا الشيخ أحمد كفتارو ([3]). وهما يتفقان في الدعوة إلى وحدة الأديان مع اختلافهما في منطلق ذلك، فالأول يدعو للوحدة من منطلق إنساني فهو يسعى لوحدة أديان الإنسانية ولكنه يرى أن المرحلة الأولى تبدأ بوحدة أديان الملل السماوية الثلاث، تحت مسمَّى (الإبراهيمية)، والثاني من منطلق صوفي وعلى فكرة صوفية وهي الوحدة والاتحاد، وهم الذين يرون العالم كله هو الإله وأن أفراده مثل موج البحر متعدد ولكنه من البحر نفسه، وبناءً على ذلك فكل
الأديان صحيحة لأنها صادرة عن الإله تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. والأثر البالغ والكبير لهما هو من جهة مكانتهما وشهرتهما العالمية، فجارودي كان الرجل الثاني في الحزب الاشتراكي الفرنسي بعد الرئيس الفرنسي (جاك شيراك) وأحمد كفتارو هو المفتي العام لدولة سوريا وله علاقات غامضة بكثير من المؤسسات المشبوهة وقد نشطا بشكل كبير في بناء المؤسسات القائمة على هذه الأفكار الوحدويّة.

خصائصه:
وأبرز الخصائص الفكرية لهذا النوع من الحوار ما يلي :
1)    ما سبق ذكره من خصائص لحوار التقارب.
2)    اعتقاد صحة عقائد الأديان الأخرى وعباداتها، وأنها طرق موصلة إلى الله.
3)  اعتبار الخصائص المميزة بين الأديان ظواهر وتقاليد تاريخيّة لشعب معين أو حقبة زمنية معينة أو اعتبارها أنواعاً مختلفة توصل إلى حقيقة واحدة.
4)    العمل على المساواة بين كتاب المسلمين وعباداتهم ومساجدهم مع ما يقابلها عند أصحاب الأديان الأخرى. ومن ذلك ([4]).
o      الدعوة إلى طباعة المصحف الشريف والتوراة والإنجيل في كتاب واحد بين دفتين.
o      بناء مجمع لأماكن العبادة يضم مسجداً وكنيسة وكنيساً.
o      تبادل الزيارات بين عمار المساجد ومرتادي المعابد مما يزيل الجفوة ويولد المودة.
o   إقامة الصلوات المشتركة في أماكن العبادة لمختلف الأديان سواء بابتداع صلاة يشترك فيها الجميع أو بأن يصلي كل واحد صلاة الآخر وغيرها من الشعائر التعبديّة.

حكمه :
ومن خلال الخصائص السابقة لهذا النوع من الحوار يتبين أنه كفر خالص وردة عن الدين لأمور كثيرة منها:
أولاً: أنه تكذيب للقرآن والسنة في إكفار اليهودية والنصرانية وغيرها من الأديان، وحصر الحق والنجاة في الآخرة في (الإسلام) فقط. يقول تعالى: { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران:85). ويقول تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} (آل عمران: 19). ومن أصول العقائد الإيمانيّة الضرورية في دين الإسلام :
" اعتقاد كفر من لم يدخل في هذا الإسلام ([5])، من اليهود والنصارى وغيرهم وتسميته كافرا وأنه عدو لنا، وأنه من أهل النار ([6]) قال تعالى : {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} (البينة: 1). وقال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} (المائدة: 73). ومن نواقض الإيمان القطعية تكفير من لم يكفر الكافر الأصلي كاليهود والنصارى وأهل الأديان؛ لأن عدم تكفيرهم تكذيب لخبر الله وخبر رسوله في كفرهم، ومعاندة لحكمه فيهم.
ولا مجال للحديث التفصيلي عن أوجه كفر أهل الكتاب وغيرهم.
ثانياً: أنه طعن في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من حيث شمولها وكفايتها وختمها لسـائر النبوات ([7]).
ثالثاً: أنه طعن في أصول الإسلام وجذوره الأساسية مثل شهادة ألا إله إلا الله التي تقتضي الكفر بالطاغوت الذي هو من أبرز شروطها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل) ([8]). وهذا الحديث يدل على أن قول لا إله إلا الله وحده دون الاعتقاد أو عمل  غير عاصم للدم والمال الذي هو علامة على ثبوت الإسلام ولا معرفة معناها مع لفظها ولا الإقرار بذلك بل لابد من الكفر بما يعبد من دون الله وهو الطاغوت، وكذلك طعن في شهادة أن محمداً رسول الله وقد تقدم.
 وتأسيساً على ما سبق: "فإن الدعوة إلى (وحدة الأديان) إنْ صدرت من مسلمٍ فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام، لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد، فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان،
وبناءً على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام، من قرآن وسنة وإجماع "([9]).




([1]) دعوة التقريب بين الأديان 1 / 339 .
([2]) انظر : التحليل المفصل لنظرية جارودي ونقدها في دعوة التقريب بين الأديان 2 / 839 - 937.
([3]) انظر دراسة كاملة عنه في المصدر السابق 3 / 136.
([4]) انظر :الإبطال لنظريه الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان ص / - 13-96.24 , ودعـوة الـتـقريب بيـن الأديان4 / 1465 - 1492
([5]) أي الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم في العقائد والشرائع وهو عبادة الله وحده لا شريك له بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم
([6]) الإبطــال لنظـرية الخلـط ص/ 93 , وفتـوى الـلـجنة الـدائمة في ( وحدة الأديان ) برقم ( 1942 ) وتاريخ 25  / 1 / 1418هـ .
([7]) انظر تفصيل ذلك في دعوة التقريب بين الأديان 4 / 1436.
([8]) رواه مسلم في صحيحة عن أبي مالك عن أبيه، رقم 23
([9]) فتوى اللجنة الدائمة في ( وحدة الأديان ) برقم ( 1942 ) , وتاريخ 25 / 1 / 1418هـ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق