الجمعة، 21 فبراير 2014

نشاة المصارف الاسلامية وتطورها



      نشأة المصارف الإسلامية وتطورها:
جاءت المصارف الإسلامية ، لتجمع بين الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والمالية والمصرفية ، وبذلك يتحقق التوافق المنظور حسب النظرية التنموية ، وعلى هذا الفكر الناضج نشأت المصارف الإسلامية ، ودخلت على جميع المنافذ التي يرغبها الإنسان ، لكي تكون قوة دفع لصالح المستثمر والمودع بآن واحد ، وكان ظهورها واجباً إنسانياً واجتماعياً قبل أن يكون واجباً اقتصادياً ، لأن الغاية الأساسية التي وجدت من أجلها هي محو آفة خطيرة ظهرت وترعرعت لدى المجتمعات الإسلامية ، ألا وهي آفة الربا التي تواجدت من خلال نظام الفوائد ، وكانت بذلك الدافع الأساسي للمصارف الإسلامية للمساهمة في عملية النهوض بالمجتمع .
وعند ذلك أصبحت الحاجة ماسةً لقيام مصارف إسلامية ، تلعب دوراً مهماً في مجالات الحياة وتغذي الطرف الناقص من العملية التمويلية ، وبنفس الوقت كانت حاجة ملحة لكي تقف أمام موج المصارف التي تجذرت في تعاملات المسلمين ، وأتت لكي تكون البديل الناجح والمفيد بعد دخول تلك المصارف التجارية إلى العالم الإسلامي . ومن نعمة الله عز وجل أن المسلمين استعادوا ثقتهم بأنفسهم ووعيهم لهويتهم ، وبذلوا الجهود الكبيرة والمحاولات الجادة النافعة لإظهار التطبيق الشرعي المباح لتلك العمليات المصرفية ، وإجهاض فكرة الغرب القائلة : " إن تطبيق الشريعة في المجال الاقتصادي مستحيل ، لأنه لا اقتصاد بغير بنوك ، ولا بنوك بغير فوائد"([1]).
ومرت المصارف الإسلامية بمراحل متعددة ومختلفة في أول أمرها ، فكانت تلك المراحل على شكل محاولات انطلاق تجاه تكوين لَبَنات النظام المصرفي الإسلامي الجديد ، فبدأت المحاولات([2])(الأولى في عام 1940 عندما أَنشئت في ماليزيا صناديق للادخار تعمل بدون فائدة ، و الثانية في عام 1950 بدأ التفكير المنهجي المنظم يظهر في الباكستان بوضع تقنيات تمويلية تراعي التعاليم الإسلامية) . وبدأ تدريس الاقتصاد الاسلامي كمادة في جامعة أم درمان عام 1963 ، وخرج منها  مشروع (( مشروع بلا فائدة )).
ثم جاءت أول تجربة فعلية للدكتور أحمد النجار في (ميت غمر ) بصعيد مصر عام 1963م في مصارف الادخار([3])، كما سماه صانعه "بنك الادخار المحلي" أو"بنك التنمية المحلية"، وكان هذا المشروع يقصد منه التنمية المحلية ، وكان أول بنك ادخار محلي يعمل بأسس تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ، وهو تجسيد لأفكار كانت تطرح قبله بفترة وجرى الحديث عنها نظرياً ، ولقد اطلع النجار وهو أحد المثقفين النادرين على مثل مطبق في ألمانيا لمصارف الادخار ، فحاول تقليد الفكرة مع إجراء تعديل عليها كبديل إسلامي متميز ، ومع ذلك فقد أجهضت تلك الفكرة عام 1967م ، بعد أن أظهرت نجاحاً دام قرابة أربع سنوات من العمل المضني .
وفي عام 1971([4])صدر قانون بنك مصر الاجتماعي رقم (66) الذي ينص على تحريم التعامل بالربا ، وأنشئ البنك في ذلك العام ليقوم بقبول الودائع واستثمارها على أساس أحكام الشريعة الإسلامية .
أما في عام 1975 فقد قام لأول مرة مصرفان إسلاميان([5]):
الأول : "البنك الإسلامي للتنمية" الذي تم تأسيسه في جدة بالمملكة العربية السعودية ، وهو مؤسسة دولية للتمويل الإنمائي والاستثمار الاقتصادي ، والقيام بالأبحاث الضرورية وتنمية التجارة الداخلية والخارجية ، ودعم وسائل البحث والتدريب ، وتوفير الأموال اللازمة لأنشطة اجتماعية  وخيرية كثيرة ، وتشارك فيه جميع الدول الإسلامية .
الثاني : "بنك دبي الإسلامي" الذي تأسس في عام 1975 أيضاً مزامنة مع البنك الإسلامي للتنمية بجدة ، وقد أُنشِئَ بمرسوم من قبل حكومة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي عام 1977 تأسس "بنك فيصل السوداني" ، و"بنك فيصل الإسلامي المصري" ، وبيت التمويل الكويتي في دولة الكويت([6])، ونشير هنا إلى أن الأخير لم يستعمل كلمة (بنك) لأنها كلمة أجنبية . وفي نفس العام أنشئ الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ـومقره الرئيسي في مكة المكرمةـ بهدف دعم الروابط بين المصارف الإسلامية وتوثيق أواصر التعاون والتنسيق بينها ، وبنفس الوقت هو طريق أولي للتوحد على المستوى الدولي في المصارف .
       وفي عام 1978 تم إنشاء "البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار"، كشركة مساهمة عامة محدودة وكانت تجربةً رائدة في تأسيس" مصارف بلا فوائد" ، وقد باشر البنك أعماله في يوم 22/9/1979 ، واحتل المرتبة الثالثة في عام 1999 بين المصارف العاملة في الأردن ، من حيث حجم الموجودات التي بلغت قيمتها في 30/6/1999 حوالي (732) مليون دينار أردني ، والودائع البالغة (540) مليون دينار ، وأعمال التمويل والاستثمار التي بلغت (475) مليون دينار([7]) .
       كما وفق الله عز وجل بعض البلاد الإسلامية مثل باكستان في تحويل بنوكها الوطنية إلى بنوك إسلامية ، بل ذهبت إلى أكثر من ذلك ، حين طلبت من المصارف الأجنبية أن تغير نظامها بما يتفق واتجاه الشريعة والدولة ([8]) .
 وبالإضافة إلى باكستان  فقد حدث أيضاً في كل من إيران والسودان " أسلمة " النظام المصرفي. ولقد عرف النشاط المصرفي الذي لا يأخذ بنظام الفائدة انتشاراً كبيراً في العديد من الدول الإسلامية الأخرى وبعض الدول الأوروبية وبدأت بعض البنوك التقليدية تنشئ فروعا لها للمعاملات الإسلامية([9]).
ويجدر بنا القول أن المصارف الإسلامية أصبحت حقيقة فعلية في الأسواق العالمية للمال والأعمال ، لها فكرها ومنهجها ومؤسساتها ، وهكذا أخذت هذه المصارف تتوسع وتكثر فروعها في البلاد التي تعمل فيها ، وصار انتشارها في السنوات الأخيرة في دول العالم المتقدمة طبعاً بالإضافة إلى الدول النامية ، وهذا برهان كبير يدل على القبول الدولي والعالمي لفكرة العمل المصرفي الإسلامي وأساليب استثماره وبالتالي نجاح للتجربة الإسلامية في المصارف .
وقد تم إعداد جدول بموجب دراسة قام بها الإتحاد الدولي للمصارف الإسلامية بالتعاون مع جامعة هارفارد الأمريكية لجمع المعلومات عن التمويل فوق الشريعة الاسلامية :

المنطقة
مجموع رأس المال المدفوع
( ألف دولار )
مجموع قيمة الموجودات
( ألف دولار )
1-
دول اتحاد التعاون الخليجي العربي
1,357,612
18,489,200
2-
دول الشرق الأوسط
2,228,037
43,210,162
3-
الدول الأوربية والأمريكية
226,123
386,471
4-
دول جنوب شرق آسيا
121,214
1,575488
5-
دول جنوب آسيا
894,163
42,597,712
6-
دول أفريقيا
126,858
3,866,840

المجموع الكلي
4,954,007
101,125,873
 وفي ضوء هذا الجدول([10]) ، نلاحظ اشتماله على (133) مؤسسة ومصرف إسلامي قائمة في (25) دولة في العالم . ولقد بلغ رأس مالها المدفوع حوالي (5) بليون دولار ، بينما فاق مجموع قيمة موجوداتها مبلغ (101) بليون دولار .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق