الاثنين، 17 فبراير 2014

كيف يواجه الإسلام العولمة



كيف واجه  الإسلام العولمة
 إن الإسلام كحضارة جاء في مواجهة الحضارة الغربية والتي تتمثل بالعولمة نجد أن الإسلام يتعرض للكثير من التحديات والمصاعب فالعولمة كظاهرة حضارية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
تواجه الإسلام كحضارة وكأفراد إذ أن هناك محاولات الغزو الثقافي عبر استغلال الجامعات والمعاهد فمثلاً الجامعة الأمريكية في القاهرة طرحت الاستبيان التالي على أحد الطلبة الراغبين في الدراسة للحصول على درجة الماجستير:
ما رأيك في إذاعة أذان الصلاة في الإذاعة والتلفزيون؟
هل توافق على إذاعة بعض الأحاديث النبوية عقب الآذان؟
ماذا نسمي المقاتلين في الشيشان؟ هل هم مناضلون أم إرهابيون؟
في الحقيقة إني أرى أن مثل هذه الأسئلة تحاول أن تضلل الفرد المسلم وتجعله يقع في دائرة الشك ويبتعد عن الإسلام ديناً وحضارة ليقترب أكثر نحو العولمة والحضارة الغربية.
وتبرز خطورة الغزو الثقافي للحضارة الإسلامية في أن أبناء هذه الحضارة لا يقرؤون إذا ما قارنهم بأبناء الحضارة الغربية، كما أن أبناء الحضارة الإسلامية يتلقون الأبناء والمعارف ولا يصدرونها للعالم بعكس أبناء الحضارة الإسلامية في العصور السابقة الذين تتلمذ الغرب على أيديهم أما اليوم فنحن ننتظر أن يأتي الخبر وتأتي المعلومة إلينا ولا نقوم بصنعها.
وبهذا يقول الدكتور السيد يسين "إن الخصوصية الثقافية للمسلمين والعرب مهددة على اعتبارات المشكلة التي يثيرها الباحثين في العالم الثالث والذي يعد العالم الإسلامي من ضمنه هي أن تدفق الرسائل الإعلامية والثقافية يأتي من المراكز الرأسمالية الإعلامية بكل قوتها وقدراتها التكنولوجية ويصب في دول الأطراف كمجتمعات والتي تصبح في الواقع مجرد مستقبله لهذه الرسائل الإعلامية بكل ما فيها من قيم وهي في الغالب قيم سلبية مدمرة".
وإذا نظرنا لسلبيات العولمة اقتصادياً فإننا نجد أن إحدى آليات العولمة وهي التكنولوجيا قد أدت إلى البطالة وبالتالي أصبح عندنا حوالي مليار عاطل عن العمل في العالم منهم 15% من الدول العربية الإسلامية.
وفي الحقيقة إن مخاطر العولمة ستزداد في ظل المجتمعات التي تعاني من الأمية والجهل فنسبة الأمية نسبة لا يستهان بها في العالم الإسلامي ففي موريتانيا حوالي 62% والسودان 53% وهذا يعني أن هذه المجتمعات غير مؤهلة لمواجهة النظام العالمي الجديد.
ولا يعد بعيداً عن الموضع إصدار أمريكا لقائمة الدول الداعمة للإرهاب والتي على رأسها سوريا، السودان، ليبيا، وغيرها من الدول العربية الإسلامية. وغير بعيد عن ذلك أيضاً ما أصدره مجلس العموم البريطاني في شهر آذار 2001 من قانون ملاحقة المنظمات والحركات الإسلامية التي وسمها بالإرهاب والأصولية.
ويجب أن نلاحظ أن الدول الإسلامية تواجه العديد من التحديات أمام العولمة لكونها دولاً وليس لكونها تمثل حضارة الإسلام، وخاصة أن هذه التحديات تواجه منظومة دول العالم الثالث التي تقع ضمنها، إضافة إلى تحديات أخرى أهمها:
1- تحويل الاستثمار إلى مناطق العمالة الرخيصة، وهذا ما يؤدي إلى إغلاق المصانع المحلية وانتشار البطالة.
2- سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات على مقدرات هذه الدول.
3- مساهمة تكنولوجيا المعلومات في ازدياد الهوة بين العالم الصناعي المتقدم والنامي الفقير إلى درجة التصدع الكامل لبنية المجتمع الإنساني.

4- تخوف الدول النامية والأمم ذات الحضارات العريقة من ضياع هويتها الحضارية والثقافية وسيطرة نسق قيمي واحد من الحضارة الغربية بكل ما فيها من مثالب وإيجابيات.
ويزاد أثر هذه التحديات على الفرد المسلم بصورة عامة والعربي بصورة خاصة وذلك لأنه يعيش في ظل دول قطرية جعلت الانتماء إلى الوطن يحل محل الانتماء للأمة، ويستوعب في الوقت نفسه الانتماء العصبوي، فأدى ذلك إلى خلق ما يعرف بإنسان (مأزوم الهوية).
فازداد "تشرنق" الفرد داخل عصبيته أو مذهبيته، مما أدى إلى عدم قدرته على الاندماج في مؤسسات الدولة، كما ازداد ضعف مشاعر الانتماء للأمة وذلك بسبب انقطاع التواصل العضوي الحر بين أجزاء الأمة مع وجود ثقافة قطرية تحاول "قومنة" الدولة وترسيخها.
لقد نجحت الدولة القُطرية منذ نشأتها وحتى الآن أن تثبت نفسها في مواجهة فكرة الدولة القومية ولكنها ضلت عالة على إرث الأمة ولم تستطع أن تؤسس هوية خاصة بها تجعل الفرد يحس بأنها تعبر عن خصوصية جماعته فظل يشعر بأن محددات هويته الثقافية والحضارية تتجاوز حدود هذه الدولة بينما انتماؤه الاجتماعي يقصر عن تلك الحدود وبالتالي وجد الفرد المسلم والعربي نفسه إنساناً مأزوماً في هويته وليس ذلك فقط بل يواجه عصر العولمة.
وفي النهاية أقول أن الحضارة الإسلامية تقبل بالحوار والجدل المنطقي ففيها من المرونة ما يجعلها قابلة للانفتاح على ثقافات العالم خاصة إذا كان التحاور يقوم على حرية التواصل والاحترام بين الثقافات العالمية، وأخطر ما يواجه القائمين على استنهاض الثقافة العربية الشعور بالدنيوية والاستسلام التبعي لمنتج الثقافة الغيرية والرضى بأن نكون مستهلكين لا منتجين وفاعلين في صناعة ثقافتنا ولو لم يكن للعولمة من أثر على الثقافة العربية الإسلامية إلا تحريك وإيقاظ الوعي الإسلامي فهذا يعد أمر هام.
وفي نهاية هذا الباب يجب أن أذكر وللأمانة العلمية أن هناك من يفرق بين نظرة الأوروبيين ونظرة الأمريكيين له ومنهم عبد الإله بلقزيز (الأوروبيون يهتموا كثيراً ببناء نظرة ثقافية وموقف أيديولوجي من الإسلام تحت وطأة الشعور بالمغايرة الثقافية وبمركزية المرجعية الحضارية الغربية فعداء مثقفيهم وسياسيّهم للإسلام يتغذى من هذه الخلفية الثقافية والشعور بالأنا الحضاري والتفوق الثقافي، بل أن هذا العداء ليس بمستغرب من ثقافات أنتجتها ثورات عقلية مريرة ضد الكنيسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق