الاثنين، 10 فبراير 2014

جزاء الكذب عند الله



جزاء الكذب عند الله
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ(28)} غافر
المسرف في الكذب هو المستمر عليه المتحري له المستهين المستهتر به وبعواقبه 
فالله تعالى يعاقب الكذاب بأن يقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه ، ويثيب الصادق بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته ، فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق ولا مفاسدهما ومضارهما بمثل الكذب[27]
وخطورة الكذاب أن حاله يؤول للفجور وإذا فجر فقد ابتعد عن الهداية
{ لا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب , فتنكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه كله , فيكتب عند الله من الكذابين }[28]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ إن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا} [29]
ففي هذه الأحاديث حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب , وبين فيها عواقب وخطورة الكذب والتي منها
1- الكذاب المستمر على الكذب المتحرى له يكتب عند الله كذابا
المراد بالكتابة الحكم عليه بذلك وإظهاره للمخلوقين من الملأ الأعلى وإلقاء ذلك في قلوب أهل الأرض
2 - الكذاب تنكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه
أي الكذب يظهر ويؤثر في قلبه كله
3 – أنه يهدي إلى الفجور وبالتالي فجوره يهديه إلى النار
الفجور لفظاً جامع يراد به الانبعاث في مختلف أعمال الشر وأنواع المعاصي والأثام والتدفق إلى ارتكاب ما لا يحل للإنسان ارتكابه من عمل فهو الميل إلى الفساد , والكذاب عندما يحمله كذبه إلى ارتكاب أعمال الفجور هذه , أُلقي في الآخرة في النار عقاب على ذلك
ومن كان الكذب عنده خلقاً هان عليه أن ينكر الحق ولا يجد حرجاً في نفسه من ذلك بل ويدعي خلافه كذباً وبهتاناً استجابة لأهواء نفسه وتلبية لشهواته , كالمنافق 
وفي هذا التحذير من الكذب والتساهل فيه فإنه إذا تساهل فيه , كثر منه , فيعرف به
فالكاذب سافل لأنه مكتوب عند الله كذاباً ، وبئس هذا الوصف لمن اتصف به , إن الإنسان لينفر أن يقال له بين الناس يا كذاب , فكيف يقر أن يكتب عند خالقه كذابا ، وإن الكاذب لمحذور في حياته , لا يوثق به في خبر ولا معاملة ، وإنه لموضع الثناء القبيح بعد وفاته
فالتهاون بالكذب عنوان الرذيلة فالكذبة الواحدة تخرق السياج الحائل
بينه وبين الكذب حتى لا يبقى دونه حائل ، فالكذب كغيره من المعاصي تستوحش منه النفس المطمئنة الراضية المرضية ، فإذا وقعت فيه مرة , هان عليها شأنه , ثم تقع منه ثانية , فيهون عليها أكثر حتى يصبح كأنه سجية وطبيعة ، فيكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا [30]
فقد دل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على أن خلق الكذب في حياة الإنسان قابل للاكتساب ، وقابل للتنمية والترسيخ ، عن طريق التدريب العملي المقترن بالإرادة الجازمة ، فقد جاء في كلامه
{وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً} وتحري ممارسة الكذب ظاهرة من ظواهر الإرادة الجازمة
وبتكرار ممارسة الكذب تكتسب العادة ، ثم تتحول العادة إلى خلق راسخ ، وعندئذٍ يُكتب عند الله كذاباً ، ومن غدا كذاباً هانت لديه معظم أعمال الفجور ، فدفع به الكذب إلى النار
وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب وفي هذه إشارة إلى أن من يتحرى الكذب بالقصد , صار له الكذب سجية , حتى يوصف به
وإذا كرر الرجل الكذب حتى استحق اسم المبالغة بالوصف بالكذب , لم يكن من صفات كمل المؤمنين , بل من صفات المنافقين 
فخطورة الكذب أنه يبلغ صاحبه للوقوع في قوله صلى الله عليه وسلم
{إذا كذب العبد فجر ، وإذا فجر كفر ، وإذا كفر دخل النار}[31]
لأن الكذب يركب في سلوك المرء أفجر الفجور وهو النفاق , ولما كان النفاق أفجر الفجور كان المنافق في الدرك الأسفل من النار
وللمنافق علامات أساس معظمها الكذب إذا حدث كذب
وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا ائتمن خان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق